منتدى الجلفة 2
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


برامج العاب دراسة دردشة .....................
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  الشعر والفلسفة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 27
تاريخ التسجيل : 25/05/2011

   الشعر والفلسفة Empty
مُساهمةموضوع: الشعر والفلسفة      الشعر والفلسفة Emptyالثلاثاء مايو 31, 2011 9:32 pm

ان الحديث عن اقتران الشعر بالفلسفة، كمصدرين رئيسيين للوعي، سوف يثير حفيظة الكثير من الناس الذين تعوَّدوا أن يفصلوا فصلاً حادًّا بينهما – وكيف لا يكون ذلك، وهم يعتقدون أنهم يعرِّفون الفلسفة التي تمثل في نظرهم التعبير الأكمل عن الجهد العقلي المنظَّم الذي لا يتعامل إلا مع الحقائق، ولا يُعنى سوى باليقين، ولا يستخدم إلا البراهين، وبذلك يختلفون في تعريف الشعر الذي لا يمثل في نظرهم سوى تهويمات خيال ومشاعر غامضة؟

وفي الحقيقة، إذا كان تعريف الشعر عصيًّا حقًّا فإن الفلسفة ليست أحسن حالاً. فإذا أمعنَّا النظر في غالبية التعريفات التي وُضِعَتْ للفلسفة عبر التاريخ وجدْنا أنها تكاد تنتمي إلى مملكة الشعر أكثر من انتمائها إلى مملكة الدقة والتحديد. فهناك من يعرِّف الفلسفة بأنها "جهد يهدف إلى التركيب الكلِّي"؛ وآخر يرى أنها "محاولة لمعرفة الروح". ويقول لوسين إن الفلسفة هي "وصف التجربة"، بينما يعرِّف مِرلو بونتي الفيلسوف بامتلاكه "تذوُّق البداهة ومعنى الالتباس في آن واحد". أما لوكاتش فيعتبر الفلسفة مجرد "رؤى للعالم"، فيما يعتبرها شاتليه "مشروع خطاب". لذلك يقول فرنان ألكييه في كتابه معنى الفلسفة:[1][2]

ما من تعريف دقيق للفلسفة في وسعه منذ البداية أن يؤخذ به. وعلى ذلك فإننا مرغمون على القيام ببحثنا بالاعتماد على صيغة مشاعر غامضة.

ويخلص الفيلسوف ألكييه إلى القول:

إن الفلسفة الحقيقية، بحكم ذلك، تبدو موعودًا بها، أكثر مما هي مضمون محدَّد.

فلنعاود التأمل في التعريفات السابقة: ألا ينتمي الفيلسوف فعلاً إلى مملكة الشعر أكثر من انتمائه إلى أيِّ شخص آخر؟ أليس الشعر أيضًا "جهد يهدف إلى التركيب الكلِّي"، و"محاولة لمعرفة الروح"، و"مشروع خطاب"؟ أليس الشاعر هو من يتميَّز بامتلاكه "تذوُّق البداهة ومعنى الالتباس في الوقت نفسه". ثم أليست "صيغة المشاعر الغامضة" عبارة مقطوفة فورًا من شجرة الشعر؟ أوليست القصيدة هي التي "نبدو موعودين بها" أبدًا؟!

ولا يقف الأمر عند حدِّ التعريف فقط، بل يبدو أن للفلسفة وللشعر في الأصل منبعًا واحدًا. فأفلاطون نفسه يقول: "إن منبع الفلسفة هو الدهشة"؛ ويقول أرسطو: "إلى الدهشة التي اعترتْ الناس يُعزى أنهم يبدأون، الآن كما بدأوا أول مرة، في التفلسف." ومن ذا يماري في أن الدهشة هي المنبع الأصيل لكلِّ شعر حقيقي أيضًا؟ وإذا كان الفيلسوف الألماني كارل يسبرز يقول:[2][3]

من طبيعة الفلسفة ذاتها – وهي متميِّزة في ذلك عن العلوم – أنها لا بدَّ أن تستغني في أيِّ شكلٍ من أشكالها عن الاعتراف بها اعترافًا ينعقد عليه الإجماع.

– أليست هذه هي حال طبيعة الشعر أيضًا التي تنبذ من مفرداتها كلَّ ما له علاقة بالإجماع؟ وعن هدف الفلسفة يقول يسبرز:

ليس اليقين الذي تطمح إليه يقينًا موضوعيًّا من النوع العلمي – ذلك اليقين الذي يُعتبَر سواء بالنسبة لكلِّ عقل – وإنما هو يقين باطني يشارك فيه الإنسان بكيانه كلِّه. وبينما يتناول العلم دائمًا موضوعات معينة، لا يستغني عن معرفتها الناس جميعًا بحال من الأحوال، فإن الفلسفة تعالج الوجود بأسره، ذلك الوجود الذي يعني الإنسان بوصفه إنسانًا، كما أنها تهتم بحقيقة، ما إن تتكشف لها حتى تؤثر فينا تأثيرًا أعمق من أية معرفة علمية.

ويقيني أن الكلام السابق لا ينطبق على شيء قدر انطباقه على الشعر الذي يسعى إلى "اليقين الباطني" ويعالج الوجود بما هو فضاء لوجود الإنسان بوصفه إنسانًا. لذلك فإن الحقيقة الشعرية هي التي تتغلغل في أعماقنا لتؤثر فينا "أعمق من أية معرفة علمية". وليس ذلك فقط، بل إن يسبرز نفسه يقول: "إن جوهر الفلسفة ليس هو امتلاك الحقيقة، بل البحث عن الحقيقة." وهذا هو عين جوهر الشعر، الذي يتجلِّى في مكابدة "الرحيل الدائم" وليس في ادعاء "الوصول". ذلك أن الوصول هو نهاية، والنهاية موت؛ والشعر منذور للحياة وليس للموت، أي منذور للرحيل وليس للوصول، كما عبَّرتُ عن ذلك شعرًا في قصيدة لي عنوانها "الرحيل نحو الصفر"[3][4]. بيد أن هذه الحالة من السير نحو الحقيقة، كما يقول يسبرز[4][5]

تحتوي في داخلها على إمكانية الرضا العميق؛ بل إنها تحتوي حقًّا، في بعض لحظات النشوة، على إمكانية الكمال. بيد أن هذا الكمال لا يستقر إطلاقًا في معرفة قابلة للصياغة، وفي المعتقدات وفي قوانين الإيمان، وإنما في الاستيعاب التاريخي لماهية الإنسان التي يتكشَّف فيها الوجودُ نفسه. وفهم هذه الحقيقة في موقف الإنسان الراهن هو هدف الجهد الفلسفي.

ودون أي شعور بالحرج أو التردُّد يمكن لي أن أكمل عبارة يسبرز السابقة فأقول: "وهدف الجهد الشعري أيضًا"!

وعند هذه النقطة، أجد نفسي ملزمًا بالتوقف قليلاً، لأوضِّح الالتباس الذي يمكن أن يرد إلى بعض الأذهان، فأقول إنني أتحدث عن الشعر بمفهومه المطلق. ولا يعنيني هنا ما اصطُلِحَ على تسميته بـ"الشعر الفلسفي"؛ ذلك أن هذا الاصطلاح أُطلِقَ على بعض القصائد التي حاولت أن تشرح مذهبًا فلسفيًّا ما، أو تتضمن "حكمة أو فكرة أو تأملاً في أحوال الإنسان أو الوجود". وبهذا الشكل فإن تلك القصائد لا تشكل – في نظري – سوى نظم لتلك المذاهب أو الأفكار؛ ومن ثم فهي مستبعَدة من دائرة الشعر الذي أقصده في هذه المقالة. وإنما أتحدث عن قدرة الشعر، من خلال طبيعته الشعرية الخاصة، على الغوص إلى أعماق الأسرار الكبرى في الكون والحياة.

وربما كان أرسطو أول من انتبه إلى هذه الطاقة الفلسفية الكامنة في طبيعة الشعر نفسها حين قال: "إن الشعر أكثر تفلسفًا من التاريخ وأهم لأن الشاعر يتعامل مع الكلِّيات."[5][6] فالشعر، بطبيعته، "ينطوي على الكشف" – كما يقول غوته[6][7] – لأنه

حين يتناول الجزء المفرد في طابعه الحي إنما يستبصر، في الوقت نفسه، استبصارًا ضمنيًا بالكلِّي الفعال المبدع في كلِّ شيء حي.

وكما يقول كولردج فإن الشاعر هو "فيلسوف على نحو ضمني غير صريح". أما شيللي فيقول: "إن الشعراء فلاسفة بلغوا أسمى درجة من القوة؛ وإن الشعر هو مركز كلِّ معرفة ومحيطها."

وربما كان خير سبيل لفهم عبارة شيللي السابقة هو أن نعود إلى ذلك النص الهام الذي وضعه الفيلسوف الألماني مارتن هيدغر، وقرأ فيه شعر هلدرلن، مستنبِطًا الحقائق الوجودية الكبرى التي تضمَّنتْها قصائد هذا الشاعر. وقد وردت ترجمة ممتازة لهذا النص في كتاب العماد أول مصطفى طلاس الموسوم بعنوان مباهج الفكر الإنساني

] يقول هيدغر

إن الشعر تأسيس للكينونة عن طريق الكلام. وقول الشاعر تأسيس ليس فحسب على معنى البذل والعطاء الحر، بل كذلك على معنى أنه يُرسي الوجود الإنساني على أساس متين [...]. وأن نقيم على نحو شعري معناه أن نبقى في حضرة الآلهة، وأن نعاني مجاورة الأشياء في لبابها وماهيَّتها [...]. إن الشعر هو الأساس الذي يسند التاريخ؛ ولذلك فهو ليس مظهرًا من مظاهر الثقافة، وليس من باب أولى "تعبيرًا" عن "روح ثقافة" ما [...]. الشعر موقظ لظهور الحلم، وماوراء الواقع، في مواجهة الواقع الصاخب الملموس الذي نعتقد أننا مطمئنون إليه. ومع ذلك فإن ما يقوله الشاعر وما يفترضه موجودًا هو الواقع [...].

ويضيف هيدغر:

أما في الشعر، فالإنسان يركِّز ذاته على وجوده الإنساني، ويصل هناك إلى الطمأنينة؛ لا إلى تلك الطمأنينة الوهمية المتولدة من البطالة وفراغ الفكر، بل إلى تلك الطمأنينة الضافية التي يصحبها نشاط في جميع القوى والعلاقات.

أما الفيلسوف المعاصر هانس غيورغ غادامر فيقول في كتابه تجلِّي الجميل: "إنه ليبدو لي أمرًا لا جدال فيه أن اللغة الشعرية تتمتع بصلة خاصة فريدة بالحقيقة."[7][10] ويتساءل غادامير: "من ذا الذي يريد أن يفصل بين الشعر والفلسفة؟" ويستطرد:[8][11]

مع ذلك فإن هذا القرب والبعد، هذا التوتر الخصب بين الشعر والفلسفة، من العسير أن ننظر إليه على أنه مشكلة خاصة بتاريخنا القريب أو حديث العهد، لأنه توتُّر قد صاحَبَ دائمًا مسار الفكر الغربي.

كما أن هناك فلاسفة يعتبرون الشعر أسبق في مقاربة الحقيقة من الفلسفة، ذلك أن "ما يقوله ويعيشه الفلاسفة قد عاشه الشعراء وعبَّروا عنه"، على حد تعبير الفيلسوف فرنان ألكييه[9][12] الذي يقول أيضًا:[10][13]

إن الشعر، في أعلى مستوياته، ليس بخلق، ولكنه اكتشاف ووحي، وعودة إلى حقائق أساسية، وردٌّ واستبعاد لكلِّ المظاهر، لكي نعود إلى الوجود، وتهديم للعالم المصنوع بعاداتنا، طموحًا للكشف عن عالم أكثر صحة، بحيث يمكن الخوف من أن تصبح الفلسفة هي التي تنسى مهمَّتَها، في الحين الذي يظل فيه الشعر وفيًّا لمهمَّته.

إن إغراق الإنسان المعاصر اليوم في سيل من المعلومات التي تتدفق دون ناظم، ودون وعي حقيقي بالوسائل التي تكفل استخدامَها فيما يلبِّي حاجات الإنسانية وطموحاتها، ليس إلا طريقة جديدة تستخدمها القوى المهيمنة لتزيد من إحكام قبضتها على العالم، بعد أن حوَّلتْ "المعلومات" إلى "سلعة" من السلع التي ترمي بها إلى مستهلكين لا يحقُّ لهم التصرف بها إلا وفق رغبات المنتِج نفسه، وذلك بغية ضمان عدم استخدامها في أيِّ مشروع يمكن له أن يعمل على تحرير الشعوب والأفراد وتحقيق الحلم الأزلي في العدالة والحرية.

وإذا كانت القوى التي تستغل الإنسان فيما مضى تعمل على قهر واستبعاد مجموعات أو طبقات أو قوميات معينة فإنه اليوم، "باسم العلم، يقع التطلُّع لا إلى إبادة هذه المجموعة أو تلك من الأفراد، ولكن إلى إنتاج الإنسان الآلي بالجملة"، كما يقول الشاعر أوكتافيو باث.[11][14] بل إن الروائي ألدوس هكسلي يؤكِّد: "لقد أصبحت العبودية التكنولوجية واقعًا مرئيًّا."

ولذلك فإن المقولات التي يتم ترويجها اليوم عن "موت الفلسفة" و"موت الشعر" ما هي إلا من قبيل إخلاء الساحة للقوى التي تفرض هذه العبودية، من خلال العمل على تجريد الإنسان المعاصر من أهم مصدرين من مصادر الوعي الذي يمكن له أن يرسم مستقبلاً جديدًا للبشرية، لا يلغي الجوهر الإنساني الأصيل، بل يعمل على استعادة أَلَقِه وإذكاء توهُّجه الدائم.



في مفهوم الشعر


1- سؤال الشعر سؤال أزلي طرح ويطرح وسيطوح.إختلفت سبل مقاربته لكنه ظل عصيا على الإختراق,لاأحد إستطاع أن يسبر جوهره وماهيته ,ربما لأن المقاربات إنطلقت من تصورات أثرية كانت في مبدئها غامضة ومبهمة. دائما يأ تي سؤال الشعر في سياق الوعي بأهمية الشعر وخطورته وضرورة فهم سر حضوره المستمر , وكيفية اشتغاله وتأ ثيره في كل أوجه الحياة, لكن ألإجابات كانت قاصرة على تلبية طموح السؤال فظلت تدور في دائرة مفرغة.



2- في اعتقادي أن الشعر أكبر من أن يوصف أو يحدد, وبعبارة أخرى فهو عصي على التدجين , إنه موجود في كل الأشياء المحسوسة وغيرالمحسوسة , إنه حاضر في القلب والعقل , في الجمال والقبح , في الحب والكره ,في النبي والدجال…إنه لا يتعين في ألفاض وجنل, هو الحاضر الغائب في كل الأشياء,ونحن عاجزون على إدراك جوهر الشعر إلا إذا فهمنا وأدركنا سر الوجود عامة والأنسان خاصة باعتباره صانع وجوده من خلال ثقافته . وبناء على هذا ننتهي إلى القول أن الشعر هو من أبدع الإنسان , وليس الإنسان من أبدع الشعر. الشعر إذا سابق على الإنسان , هو من يدل عليه. هكذا يصبح القول الشعري محاولة للعودة إلى ما قبل الإنسان , عندما كان الإنسان مجرد كلمة . ,, في البدء كانت الكلمة ,,.



3- إن للشعر حضور داخل وخارج الطبيعة الحية والجامدة ,فهو متحقق الوجود في الزهرة والإنسان والطائر والبحيرة والقمر والصخرة…إنه ممتد في كل الموجودات , وسيبقى الشعر ذاك الجلي الغامض في الحياة . سيبقى ما بقيت الكلمة والنغمة والرائحة . وسيكون غيابه من وجودنا عودة الى لحضة ما قبل الكلمة والنغمة والرائحة.



4- الشعر هو من خلق ويخلق الإنسان , هو من سيدفعه باستمرار الى استشراف آفاق جديدة , هو من يشكل وعي الإنسان,ويدفعه دوما الى إبداع رؤى جديدة وأحلام مبتكرة , هو من يزرع في الإنسان القابلية ليوائم بين ظروفه الخارجية ومكوناته الجوانية.



5- وحول سؤال الشعر يتجادل النقاد ويتخاصم المبدعون ,فمنهم من يرى الشعر إيقاعات واستعارات وتشابيه وتضادات وصور…ومنهم من يراه معاني وألفاظ …ألفت الكتب, ونصبت المنابر , وأقيمت الندوات ,واشتد المعارك ومتى انقشع الغبار ،أدركنا أن المعركة ,,دونكيشوتية,, وكل ما جرى وما قيل حول الشعر هو ضرب من الوهم ,وسيبقى كذالك. إنها محاولات يائسة من الناقد والمبدع ليخلق ألفة بينه وبين ما يكتبه أو ينظمه أو ينشده ويسميه أسماء مختلفة , شعر عمودي ,شعر تفعلة ,قصيدة النثر, القصيدة الشذرة …ولو قلت أن كل هذا ليس بشعر لاتهمت بالسفسطة أ, بالهذيان , ولكن سأ قول باختصار أن هذه الأشكال اللغوية هي بعض تجلياته وتمظهراته . ومع تقدم الأنسان في التاريخ ستظهر تجليات أخرى وسيكتشف أشكالا جديدة .وسيضل الشعر لغزا محيرا.



5- إذا ما هو المسلك الذي سنسلكه لمقاربة هذا الغز. الجواب في غاية البساطة , إنه يتلخص قي مسلك عادي لكنه محفوف بالمخاطر ,إنه مسلك الاعقلانية حيث كل شيء يبدو في غير مكانه وفي لا شكله . فلننظر حولنا وفي دواخلنا في ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا , فالشعر موجود حيث نوجد ولا نوجد .بالكلمة وبغير الكلمة ,يرسل إلينا إشارات غامضة في عالم غامض ومدهش ولا نحتاج إلى كثير من الكلام لنفهمه , ولكن نحتاج إلى كثير من الصمت.





ما قاله الفلاسفة في الشعر: بول ريكور كن أول من يقيّم


مساء الخير…

للشعراء قولهم في حكمة ولغة الفلاسفة….وللفلاسفة رأيهم في قصيد الشعراء…

ما الذي يقوله الفلاسفة ….

1 - بول ريكور . ازداد سنة 1913. فيلسوف فرنسي استلهم أعماله من الفينومينولوجيا والوجودية. وجه تفكيره للتأمل في الإنسان في كليته الوجودية باعتباره إنسانا عارفا وعاملا وليس مجرد كائن يتميز بالمعرفة.

يلاحظ بول ريكور أن الشعر الحديث أصبح صعبا ومعقدا، ويرجع ذلك إلى وعي الشعراء بضرورة مناهضة كافة أشكال تسطيح اللغة، ومن ثم الحفر في اللغة حتى أعماق سحيقة بغرض تجديد وإعادة تخليق التراكيب اللغوية، بل وإعادة تخليق الكلمات أحيانا، وذلك لاعادة الكلمات الى أصولها الدلالية الأولى أو لخلق سلسلة من الدلالات التخيلية.

ومن جهة أخرى يرى بول ريكور أن ما يقوم به الشعر يساعد الفيلسوف، باعتبار أن الفلسفة فضلا عن اهتمامها بصياغة خطاب حول اللغة العلمية، فهي تهتم أيضا بالكشف عن أغوار اللغة، والتوسل بها للتعبير عن العلاقة بين الانسان والعالم، والانسان وذاته، والانسان والآخر. ومن هنا يغدو الفيلسوف أيضا في حاجة الى كلمات اللغة.

ويستلهم ريكور رأي هايدجر الذي يرى أن دور الشاعر هو إنقاذ كلمات اللغة بل وتوسيع تخوم دلالاتها، وأن الفيلسوف يتكئ على قدرة الشعر على زيادة وتكثير طاقة المعنى التي تنطوي عليها لغتنا.

ويذهب ريكور إلى أن الشعر في حد ذاته ينطوي في العمق على شكل من الصراع المرتبط بمحاولة توصيل التعبير المناسب وهو ما يكون بالضرورة على حساب التجربة الانسانية المتجذرة في ركام اليومي . لكن في الجانب الآخر هناك محاولات أخرى من جانب الشاعر للكشف عن التجربة الانسانية التي تخفيها تلك اللغة العملية النفعية. وعلى خلاف رأي النقاد ذوي النظرة الضيقة حول مفهوم الإحالة أو المرجعية اللغوية يؤكد ريكور أن حدس وجود مستويات أخرى من الواقع من شأنه أن يجعل الشعر وحده يصلها ويعبر عنها.



الشعر وعاء جميل وثمين يحفظ فيه الشاعر كل شيء عزيز ومحبب إلى نفسه : من مشاعر أو معارف أو تجارب أو علوم أو ….. إلى آخر ما تنتظمه قائمة التعبير . وهنا لا بد من وقفة لتفسير معنى ( الشعر ) فالناس يتجهون في تفسيره إلى معنيين : المشاعر ، والعلم ؛ فالمشاعر والشعر ينبثقان من وعاء واحد من حيث الوجهة الصرفية ولعل ذلك ما يغري بالربط بين اللفظين من المعاني والروابط ، والعلم أيضا ذو صلة وثيقة بالشعر فقد فسروا قولهم ( ليت شعري ) بمعنى ( ليت علمي حاضر ) ولما كان علم العرب وكلامها مغموسا في الشعر ؛ أو : لما كان الشعر وعاء علوم العرب ، صار الشعر علما والعلم شعرا ، فقالوا : ليت شعري ، وهم يعنون : ليت علمي من هنا وُجد التلازم بين كل علم للعرب وبين شعرهم ، وما نراه من حكم وأمثال في شعر الجاهلية هو ضرب من فلسفة ذلك العصر ، ولم يتمنع الشعر عن استيعاب أي معرفة عربية في أي عصر إلى يوم الناس هذا - مع ملاحظة أن لفظ الشعر في كلامي أعم من أن يكون الأوزان والقوافي فما يخلو منهما ليس بشعر عندي - والأراجيز العلمية خير ما يُذكر في مقام التمثيل لهذا .

بقيت مسألة ِلمَ نجد تلازما بين الشعر والفلسفة ? وقولنا عن التلازم فيه قسوة على الشعر وعلى الفلسفة ؛ لأن هذا التلازم شيء مزعوم زعمناه لما قرأنا أشعار فلاسفة المسلمين أو فلسفة شعرائهم ، فليس اطرادا في الوجود والعدم ، فهناك شعر رحب المساحة في الغزل والحماسة وغير ذلك مما يبعد كثيرا عن مجال الفلسفة وإن كنا نراه أقرب إلى الفلسفة الإنسانية بمعناها الواسع ، أي : حكمة القول ، وهناك أيضا فلسفة تموج بها الكتب جاءت نثرا بلا ريب ، فليس ثم تلازم بين الشعر والفلسفة كما ترى يا أخانا الكريم .

وأمامنا شعر لابن سينا ، قالوا عنه : إنه فلسفة في ثياب الشعر . وشعر لأبي العلاء المعري ، قالوا فيه : إنه شعر في ثياب الفلسفة ، ومثل هذا القول أراه من حيل النقاد فرارا من القول بالتلازم بين الشعر والفلسفة ، وما قولكم في شعر محيي الدين ابن عربي الذي ملأه فلسفة التصوف ، وهي الذروة من المبهمات ، ولعل الإبهام والإلغاز من أهم أسباب التلازم بين بعض الشعر وبعض الفلسفة ، حتى يتحير القراء في فهم المراد ويكون للشاعر مخرج إذا ووجه بتهمة الزندقة مثلا - وأكثر الشعراء الفلاسفة تعرضوا لاتهام بالزندقة ، بل بالكفر أحيانا - وفي تراجمهم تجد دليل ذلك والعجب العُجاب ،

استوقفني تعريف الشيخ (محمد غازي عرابي) للشاعر في كتابه (النصوص في مصطلحات التصوف) (دار قتيبة، 1985م ص169) فأحببت أن أضيفه هنا إلى موضوع الأستاذ وحيد الفقيهي قال:
(الشاعر مصنوع على عين الله الذي جبله من نور خالص، وضمّنه شوقا إلى المطلق والفكاك من أسر المادة. جسمه في الأرض وقلبه في السماء، يتسقط أخبار العالم العلوي الذي يمده بومضات إلهية، بها يكون شعره نارا تهجم على الأفئدة بغير حجاب.
وهو مؤتلف مع ذاته، بعيد عن تعقيدات الحياة، يحاول أن ينهج نهجا خاصا في هذه الدنيا التي تقف من الأفذاذ موقف العداء، ولا ترضخ لهم ولا تسمع إلا بعد أن يفرضوا وجودهم عليها فرضا.
والشاعر فطرة، فهو جوهرة قابلة للصياغة، ثم تبدأ الأحداث والتجارب في صياغة هذه الماسة النادرة حتى تصبح أهلا لتأخذ مكانها اللائق تحت الشمس.
وهو ذو طريقة معينة مفروضة عليه، يحس بأعبائها ويقوم بها واعيا ذلك أم غير واع، فهو لهذا طفل كبير، أمه الحقيقة، وكعبتُهُ آمالٌ خُضْرٌ، يشده إليها حنينٌ روحاني غامض.
وهو مكبل بتناقضات المادة والروح، فهو ضحية بين قوتي النفس والقلب.. تارة جانح للظلمات غارق في بحرها مستسلم إليها، وطورا مائل إلى الشمس، يستدفئ بها ويستقي من ضوئها بريقا يغذي به أشعاره التي تتضمن هذا الألق العلوي الذي يحيل الكلمات سحرا.
وهمه التعبير عما يحس به، وغايته إرضاء نزعة النفس فيه، وأمله أن يكون له جمهور معجب به، مؤيد له، يتذوق شعره ويصادف من قلبه الموقع المأمول.
والشاعر عالم إنساني ، تجتاز عالميته حدود الأوطان، وإن كان هو شخصيا وطنياً مخلصاً من الطراز الأول، أميناً على العهود والمواثيق، لا يتردد في التضحية بنفسه من أجل الدفاع عن كرامته وكرامة وطنه وأمته.
والشاعر معيار الحقيقة، وهو نجم في قومه، يضيء ويهدي السائرين إلى الاتجاه الصحيح
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://najmemam.banouta.net
 
الشعر والفلسفة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الجلفة 2 :: منتديات عامة :: الشعر و الفلسفة-
انتقل الى: